مدونة البوابة

أهمية الإدماج المالي للمرأة كهدف صريح في السياسات الوطنية وفي توفير الخدمات

برنامج التمويل الأصغر في المنطقة العربية. التعاون الدولي الألماني، GIZ.

يكتسب الشمول المالي للمرأة اهتماما متزايدا على المستوى العالمي. و تشير البحوث بأن المرأة التي تمثل نصف سكان العالم، عندما تشارك في النظام المالي فإن ذلك يعود بفوائد كبيرة من حيث النمو الاقتصادي وتحقيق قدر أكبر من المساواة وكذلك رفاهية المجتمع. وعلى الرغم من وجود تقدما كبيرا في الشمول المالي لكل من الرجال والنساء في المنطقة العربية في الفترة من عام 2011 إلى عام 2014 ؛ إلا أن المرأة مازالت متأخرة في الحصول على المنتجات والخدمات المالية واستخدامها.

إن هذا التفاوت ناتج عن أن المرأة تواجه عراقيل من أجل الحصول على المنتجات و الخدمات المالية مثل التثقيف المالي المحدود وعدم توافر الأصول اللازمة للضمانات وبعد المسافة عن المؤسسات المالية وعدم توافر الإثبات الرسمي الشخصية وكذلك الملكية المحدودة للهواتف المحمولة.

كيف يقوم صانعو السياسات والبنوك المركزية بالتصدي لهذه العراقيل وإنشاء بيئات محيطة أكثر ملاءمة للشمول المالي خصوصا للمرأة ؟ إن بإمكانهم البدء بدراسة الإستراتيجيات الخاصة بالشمول المالي للعديد من الدول التي اتخذت خطوات من أجل تحسين البيئة المواتية للمرأة.

لقد شاركت كارن ميلر، مسؤول المعرفة والاتصالات بالشبكة المصرفية العالمية للمرأة من خلال منتدى السياسات رفيع المستوى من أجل تحسين الشمول المالي للمرأة في العالم العربي؛ عن كيفية قيام هذه الدول بتطوير السياسات التي من شأنها النهوض بالشمول المالي للمرأة. وقد انضمت إليها الرئيسة التنفيذية لبنك الاتحاد الأردني التي قامت بالمشاركة بكيفية استهداف البنك للنساء من أجل النمو والمضي قدما نحو المزيد من الشمول المالي.

وقد أشارت ميلر بأنه من المهم تعلم أفضل الممارسات من الثلاثين دولة التي قامت بإنشاء إستراتيجيات للشمول المالي. إن إدراك أن الشمول المالي من الممكن أن يؤدي إلى اقتصاديات أقوى، سوف يدفع المزيد والمزيد من البلدان إلى تطبيق إستراتيجيات وطنية للشمول المالي.

لقد كان هناك سبعة دول لديها إستراتيجيات للشمول المالي منذ سنتين ؛ أما الآن فيوجد أكثر من ثلاثين دولة بما فيهم الأردن. ولقد قام البنك المركزي الأردني بطرح الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي خلال المنتدى، وقد وضع هدفا لزيادة الشمول المالي من المستوى الحالي وقدره 24.6% (وفقا لقاعدة بيانات المؤشر العالمي لتعميم الخدمات المالية لعام 2014) إلى 36.6% بحلول عام 2020، و خلال نفس الفترة يتم تقليل الفجوة بين الجنسين بالمملكة الأردنية من 53% إلى 35%. و إذا تم تحقيق هذه الرؤية فسوف يكون من شأن ذلك زيادة الناتج المحلي الإجمالي بالأردن بنسبة تصل إلى 5%.

و قد أظهرت البحوث أن تدابير زيادة الشمول المالي للمرأة تحتاج إلى أن تكون خاصة بكل دولة ومبنية على مقدار الفجوة بين الجنسين والتحديات الخاصة بكل دولة. ومع ذلك، فمن الممكن الاستعانة بإستراتيجيات الشمول المالي الخاصة بالدول الأخرى وتطويعها وإدماجها في الشمول المالي والمبادرات الأخرى للسياسات العامة، وربما القضاء على الفجوة المستمرة بين الجنسين فيما يتعلق بالشمول المالي.

 

تقرير خاص حول أطر السياسات التي تدعم الشمول المالي للمرأة. AFI-WWB 2016.

إن الحكومة و صانعي السياسات المالية يمكنهم اتخاذ إجراءات من شأنها أن تؤثر بشكل إيجابي على الشمول المالي للمرأة، وذلك في المجالات التالية:

  • القيام بتركيز أكبر على عرض القيمة المضافة من الشمول المالي للمرأة مع وجود أهداف واضحة للسياسات العامة وأهداف كمية. إن العديد من الدول لديها أهداف كمية للشمول المالي بشكل عام، ولكن إذا كان لديها فجوة مستمرة بين الجنسين فإنها تحتاج إلى استهداف صريح لشريحة المرأة.

  • التأكد من جمع بيانات مصنفة حسب النوع. إن البنوك بدون البيانات لا يمكن لها أن تدرك ما تمثله المرأة من أهمية في النشاط الاقتصادي. وعندما بدأ بنك الاتحاد في الأردن في استخدام بيانات مصنفة حسب نوع الجنس، تبين له أن المرأة تمثل شريحة ممتازة من العملاء وأنها تدخر مبالغ كبيرة لأطفالها وأسرتها. وقد قام البنك بطرح منتج شروق في عام 2014 وهو برنامج يركز على المرأة، و قد ازداد إجمالي محفظة المرأة بنسبة 142%. وتمثل النساء الآن 30% من قاعدة عملاء بنك الاتحاد. 

  • القيام بإصلاح الأطر القانونية و التنظيمية التي تؤثر على المرأة بشكل غير متناسب، مثل متطلبات الهوية الشخصية و/أو اعرف عميلك (KYC).

  • تطوير البنية الأساسية المالية التي تشجع الابتكار في القطاع الخاص، بالإضافة إلى إنشاء سجلات للضمانات ومكاتب للمعلومات الائتمانية. 

  • تعزيز اللوائح التنظيمية الخاصة بحماية المستهلك المالي والتوسع في الانتشار من أجل ضمان فهم المرأة للمنتجات والخدمات. إن بنك الاتحاد لا يقوم فقط بتقديم المنتجات و الخدمات المالية، ولكنه أيضا يقوم بتقديم حلول غير مالية من شأنها مساعدة المرأة بشكل أفضل على فهم المنتجات وكذلك تنمية مشروعاتها. إن هذه الخدمات غير المالية تتضمن تنظيم مناسبات ربع سنوية للتواصل وورش عمل لتدريب رائدات الأعمال والإرشاد والتوجيه وبوابة إلكترونية مخصصة.

  • الاستثمار في برامج التعليم و التثقيف المالي للمرأة.

  • التأثير في القوانين التي بإمكانها معالجة الحواجز الاجتماعية التي تعيق الشمول المالي للمرأة.

لقد تم إحراز تقدم في العديد من الدول بفضل الإجراءات التي تتخذها الجهات التنظيمية في معظم مجالات وضع السياسات العامة وهم يمثلون نماذج إيجابية لباقي دول العالم. و مع ذلك، يوجد عدد قليل من الإستراتيجيات الوطنية التي لديها الشمول المالي للمرأة كهدف واضح، ويجب على صانعي السياسات أن يكونوا أكثر جدية فيما يتعلق بالتعامل مع الحواجز الاجتماعية التي تتسبب في تأخر المرأة. إن الجهات التنظيمية بجانب القطاع الخاص والجهات المانحة والمنظمات الدولية ؛ لديهم جميعا أدوار يجب أن يقوموا بها من أجل بناء عالم أكثر شمولا  مع الاتفاق على أن الآن هو الوقت المناسب لتحقيق ذلك.

و للمزيد من الأمثلة على حلول واعدة للسياسات التي تساعد على سدّ الفجوة بين الجنسين في الشمول المالي، يرجى الرجوع إلى التقرير المشترك الصادر (بالإنجليزية) عن التحالف العالمي للإدماج  المالي والشبكة المصرفية العالمية للمرأة بعنوان: "أطر السياسات التي تدعم الشمول المالي للمرأة".

انقر هنا للنسخة الإنجليزية.

*ينشر هذا المقال ضمن سلسلة من المقالات في إطار الشراكة الإعلامية بين التعاون الدولي الألماني GIZ والبوابة العربية للتمويل الأصغر تحت المنتدى الإقليمي للسياسات حول  تعزيز الشمول المالي للمرأة في العالم العربي . قام بتنظيم واستضافة المؤتمر رفيع المستوى كل من البنك المركزي الأردني، وصندوق النقد العربي، والتعاون الدولي الألماني GIZ خلال 22-23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 في منطقة البحر الميت، الأردن وبدعم من الجهات الشريكة التالية: التحالف العالمي للإدماج المالي، والاتحاد الأوروبي، والمجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء (سيجاب)، ومنظمة وجوه جديدة أصوات جديدة. 

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.